|
|
||
|
دراسة نقدية لقصيدة «نداء» للشاعرة نبيلة حماني .. اعداد د. موسى الشيخاني
دراسة نقدية لقصيدة «نداء» للشاعرة نبيلة حماني .. اعداد د. موسى الشيخاني
أولاً: نبذة عن الشاعرة نبيلة حماني نبيلة حماني شاعرة مغربية تنتمي إلى مدينة فاس العريقة، التي شكلت رافدًا أساسيًا في تكوين هويتها الثقافية والفكرية. تأثرت بالتراث الأندلسي، والفكر العربي الإسلامي، والنهضة المغربية الحديثة. يميل شعرها إلى المدرسة التقليدية في البناء، لكنه ينبض بروح معاصرة في مضمونه، حيث تجمع بين عشق الوطن، والاعتزاز باللغة العربية، والاحتفاء بالمرأة وصوتها الشعري الفاعل.
ثانيًا: الدراسة النقدية للقصيدة 1. العنوان ودلالاته: يحمل العنوان «نداء» شحنة قوية من الإيحاء، حيث يشير إلى دعوة ملحة تستوجب الاستجابة. ومن البيت الأول، نكتشف أن النداء صادر من الشعر ذاته، وكأن الشاعرة ترى في الشعر رسالة مقدسة تستدعيها لتلبّيها بلا تردد.
2. البناء الفني: الوزن والقافية: جاءت القصيدة على النسق العمودي ملتزمة بالبحر الشعري والقافية الموحدة، مما يعكس وفاء الشاعرة للتقاليد العربية الكلاسيكية، ويمنح النص موسيقى عذبة وانسيابية واضحة.
الصور الشعرية: اعتمدت الشاعرة على صور بلاغية تقليدية لكنها مفعمة بالحياة، مثل قولها: «تُحلّق كَالطَّيرِ فَوقَ الرَّوَابِي / و كَالعَندَلِيبِ تُرِيقُ الغِنَاءْ» حيث تُشبّه ذاتها الشاعرة بالعصفور والعندليب، بما يعزز صورتها ككائن حر يُحلّق فوق قيود الواقع لينشر نغماته العذبة.
3. المضامين الأساسية: الشعر كهوية ورسالة: تصف الشاعرة الشعر بكونه مرآة روحها، وبأنه يسري في عروقها كالدّم، ما يدل على ارتباطها العضوي بالشعر كوسيلة للتعبير عن الذات وإحياء القيم.
الانتماء الوطني: تعلن الشاعرة في قصيدتها ولاءها العميق لوطنها المغرب، خاصة عند قولها: «فَإِمَّا دَعَا وَطَنُ الكِبرِيَاءِ / لِكَي نَفتَدِيهِ ، لَكُنتُ الفِدَاءْ» وهنا يظهر فخرها بحضارة المغرب، وبالقرّويين كمركز علمي عريق.
الاحتفاء باللغة العربية: من أبرز مقاطع القصيدة ما تعبر فيه الشاعرة عن حبها العميق للغة العربية: «أحُبُّكِ يا لُغَتِي ، لا أُمَارِي / فَأَنتِ الْخٌلٌودٌ و أَنتِ البَقَاءْ» ما يعكس روح الدفاع عن الهوية اللغوية والاعتزاز بالضاد كلغة خالدة.
4. الأسلوب واللغة: استخدمت الشاعرة لغة فصيحة سليمة، مفعمة بالتراكيب البلاغية المعروفة (التشبيه، الاستعارة، الجناس).
امتازت الألفاظ بشحنة عاطفية قوية، مما عزز الطابع الحماسي والوجداني للنص.
ثالثًا: تقييم نقدي شامل مواطن القوة: القصيدة قوية في موسيقاها وصورها، وفي قدرتها على استنهاض الشعور الوطني والفخر بالذات الثقافية.
ملاحظات نقدية: على الرغم من ثراء الصور، إلا أن اعتماد الشاعرة على الأسلوب التقليدي يجعل القصيدة أقرب إلى الكلاسيكية، ما قد يستدعي تجديدًا في الرموز والأسلوب لمواكبة الشعر المعاصر.
الجانب الشخصي: القصيدة تعكس بوضوح شخصية نبيلة حماني: امرأة شاعرة، مغربية، تعتز بتراثها وبوطنها، وتعتبر الشعر رسالتها الخالدة.
خلاصة القول: قصيدة «نداء» تجسيد حقيقي لقصيدة الهوية والانتماء، حيث تعكس عشق الشاعرة للشعر، وحبها العميق لوطنها المغرب، واعتزازها باللغة العربية. كما تحمل رسالة موجهة للقارئ العربي كي يتمسك بجذوره الثقافية في زمن التحديات. وتبقى نبيلة حماني في هذه القصيدة وفية لنهج الشعر العربي الأصيل، مع نَفَسٍ نسائي معتدّ بذاته وفخور بحضارته.
إعداد: د.موسى الشيخاني
نِدَاء ْ
إذا الشِّعرُ نَادَى أَجَبْتُ النِّدَاءْ و أَرسَلْتُ رُوحِي تَجُوبُ الفَضَاءْ .
تُحَلِّقُ كَالطَّيرِ فَوقَ الرَّوَابِي و كَالعَندَلِيبِ تُرِيقُ الغِنَاءْ .
فَيَنثَالُ شِعرِيَ عَذباً زُلالاً لِيَروِيَ كُلَّ القُلُوبِ الظِّماءْ .
أَنَا الشِّعرُ مِرآةُ رُوحِي ، و فِيهَا أَرَانِي كَشَمسٍ تُشِعُّ الضِّياءْ .
وَ أُرْخِي جَدَائِلَ طُهرِي و دِفئِي عَلَى الكَونِ فِي صَيفِهِ و الشِّتَاءْ .
أَزَاهِيرُ شِعريَ فَاحَ شَذَاهَا كَأَنِّي قَوَارِيرُ عِطرِ النَّقَاءْ .
و أَرسُمُ بِالحَرفِ لَوْحَاتِ عِشْقٍ تُكَحِّلُ عَينَ الضُّحَى والمَسَاءْ .
فَإِمَّا دَعَا وَطَنُ الكِبرِيَاءِ لِكَي نَفتَدِيهِ ، لَكُنتُ الفِدَاءْ .
هُوَ "المَغرِبُ" الحُرُّ يَسكُنُ فِينَا و فِيهِ اْمتَطَينَا خُيُولَ الإبَاءْ .
هُوَ " المَغرِبُ " الحُرُّ بَيتُ الكِرامِ و قِبلَةُ أَضيَافِنَا الأَوْفِيَاءْ
. عَلَى أَرضِهِ قَد أُقِيمَتْ " صُرُوحٌ " تُنَاكِبُ كُلَّ نُجُومِ السَّمَاءْ
. و هَلْ كَانَ كَالشِّعرِ صرحٌ مَنِيفٌ تَبَاهَى بِرَوْعَتِهِ الشُّعَرَاءْ ؟!! .
هُوَ الشِّعرُ يَا سَادَتِي نَبضُ قَلبِي و يَجرِي بِأَورِدَتِي كَالدِّمَاءْ .
رَضَعتُ حَلِيبَ المَشَاعِرِ حَتَّى غَدَوْتُ بِشِعرِيَ أَبهَى النِّسَاءْ
. أَنَا بِنتُ " فَاسَ " تَرَعرَعتُ فِيهَا هِيَ الأَبُ و الأُمُّ و الأصدِقَاءْ .
تُرَابِكِ يَا فَاسُ تِبرٌ و مَاسٌ و لَيسَ يُضَاهِي بَهَاكِ بَهَاءْ
و لَيسَ غَرِيباً بِأَنْ تَستَضِيفِي عَلَى أَرضِكِ الحُرَّةِ النُّبَلاءْ .
فَفِي " القرَوِيِّينَ " مُنذ قُرُونٍ مضت مضت، كَم تَخَرَّجَ مِن عُلَمَاءْ .
و كَم بَلَغُوا بِالمَعَارفِ شَأْواً و قِندِيلُهُم فِي الظَّلامِ أَضَاءْ .
هُمُ الحَافِظُونَ لِقُرآنِ رَبِّي هُمُ النَّابِغُونَ ، هُمُ الأُدَبَاءْ .
هُمُ النَّاطِقُونَ بِكُلِّ اللُّغَاتِ و للضَّادِ أَصلِ اللُّغَاتِ الوَلاءْ .
أحُبُّكِ يا لُغَتِي ، لا أُمَارِي فَأَنتِ الْخٌلٌودٌ و أَنتِ البَقَاءْ .
و أَنتِ السَّلامُ بِجَنَّاتِ عَدْنٍ و مِنكِ السَّلامُ لِيَومِ اللَّقَاءْ
نبيلة حماني الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الإثنين 12-05-2025 05:06 مساء الزوار: 301 التعليقات: 0
|
|