|
|
||
|
دراسة نقدية عن قصيدة: "ندى على ورد" — منية نعيمة جلال.. اعداد موسى الشيخاني
أولاً: القراءة النقدية للقصيدة القصيدة التي بين أيدينا تنتمي بوضوح إلى تيار الشعر الحر أو قصيدة التفعيلة، حيث يتحرر النص من قيود البحر الخليلي الصارم، ويميل إلى الإيحاء والرمزية والاقتصاد في الألفاظ. القصيدة قصيرة من حيث البناء، لكنها غنية من حيث التأويل والدلالة، وتمثل تجربة وجدانية عميقة تقوم على استبطان الذات والبحث عن معانٍ روحية وجمالية في الحب والوجود.
الموضوع والمضمون: القصيدة تدور حول فكرة الانصهار في الآخر (الورد كرمز)، والخذلان أو عدم الاكتمال الذي ينجم عن هذا الانصهار. تتكرر صورة "الوردة" في معظم المقاطع، مما يعطيها دور الرمز الأساسي:
الوردة تمثل الحلم، الحب، الأمل، وربما الذات المثالية.
"ندى" و"عطر" و"رطوبة الفجر" كلها صور توحي بالخصوبة والانبعاث، لكن الشاعرة تعكس التوقع؛ حيث لا يتحقق الإثمار ولا الاكتمال رغم هذا العطاء.
اللغة والصور الشعرية: تتميز اللغة هنا بالبساطة الظاهرة والعمق الباطن:
"أنفاسي انفرطت": استعارة توحي بالتبعثر، وكأن الذات تتلاشى في هذا الآخر (الورد).
"عطر لا يُنسى سكبتُ عليه بعذري": هنا الجمع بين العذرية كدلالة على النقاء، والعطر كرمز للأنوثة، يشير إلى تقديم الذات بشكل كامل ونقي، لكن يقابله "غاب الظل"، أي الغياب، الخذلان، أو فقدان الحماية.
"ذبْتُ في ورد كان وهماً أو تجلى": هذا البيت يكثف ثنائية الحضور والغياب، الحقيقة والوهم.
الإيقاع: رغم عدم التزامها بالوزن التقليدي، تملك القصيدة إيقاعًا داخليًا مستندًا إلى التكرار (تكرار كلمة "ورد"، "سكبت"، "لم..." و"ذبتُ")، مما يخلق موسيقى خفية تشد القارئ وتؤكد على المعنى الدرامي.
الثيمات البارزة: الانصهار والذوبان
الخذلان وعدم الإثمار
العلاقة الملتبسة بين الذات والآخر
تداخل الحسي بالروحي (العطر، القبلة، الشذا)
ثانياً: دراسة عن الشاعرة — منية نعيمة جلال
منية نعيمة جلال، بناءً على قصيدتها هذه وعدد من أعمالها، تنتمي إلى جيل من الشاعرات العربيات اللاتي يحفرن في اللغة بحثًا عن الذات الأنثوية المغيّبة أو الملتبسة في سياقات الثقافة التقليدية. أعمالها تتسم عادةً بالتكثيف، وبالاشتغال على الصور البصرية والحسية كوسيلة لاستكشاف التجربة الذاتية العميقة.
سمات شعرها: التكثيف والإيجاز: قصائدها غالبًا قصيرة لكنها مشحونة بالمعنى.
الرمزية العالية: تستعمل عناصر الطبيعة (الورد، الندى، العطر) كرموز لحالات نفسية وروحية.
الثنائية: كثيرًا ما تظهر في شعرها ثنائيات مثل (الحضور/الغياب، الخصوبة/العقم، الذات/الآخر).
اللغة الأنثوية: حيث تعبر عن الجسد والروح من منظور ذاتي نسوي، دون الوقوع في المباشرة أو الشعاراتية.
مكانتها: منية نعيمة جلال تمثل صوتًا شعريًا مميزًا ضمن مشهد الشعر العربي المعاصر، خاصة في ما يتعلق بتجارب الكتابة الأنثوية التي تتجاوز الشكل الكلاسيكي لتغوص في مشاعر الذات الأنثوية العاشقة والمجروحة، مستخدمة أدوات حداثية كالتكثيف، والصورة، والتناص مع عناصر الطبيعة.
خاتمة: قصيدة "ندى على ورد" مثال على شعرية الوجدان المكثف، حيث تتحدث منية نعيمة جلال عن الحب كفعل انصهار لا يُثمر، والذات التي تذوب في الآخر حتى تفقد ملامحها دون أن يُعاد تكوينها. ورغم قصر النص، إلا أنه يُفتح على عوالم من الدلالة، مما يجعل الشاعرة واحدة من الأصوات الجديرة بالمتابعة في المشهد الشعري المعاصر.
ندَى على وَرْدٍ انفرطتْ أنفاسي فيه ولم تُثْمرني *************** عِطرٌ لا يُنسى سكبتُ عليه بِعُذْري وغاب الظلُّ **************** رُطوبةُفجرٍ سكبْتَني فوق شذاه وما أوْرَقَني ****************
ذبتُ في ورد كان وهما أو تجلّى فغِبتُ عنٍي ************* في حُضن وردة ٍ أودعتُني قبلة ولم تُعِدني ******** الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الأحد 11-05-2025 09:12 مساء الزوار: 257 التعليقات: 0
|
|