|
|
||
|
دراسة نقدية لقصيدة "أدمنتك" للشاعرة هتاف عريقات مع قراءة في سيرتها الذاتية
دراسة نقدية لقصيدة "أدمنتك" للشاعرة هتاف عريقات مع قراءة في سيرتها الذاتية .. اعداد موسى الشيخاني
أولًا: قراءة في السيرة الذاتية الدكتورة هتاف محمود عريقات، فلسطينية الأصل، ولدت عام 1957، وتقيم في سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة الأمريكية. تحمل سجلًا مهنيًا وثقافيًا حافلًا؛ فهي إعلامية وصحفية نشطة منذ 1990 في ولاية كاليفورنيا، ومديرة مكتب اتحاد الكتاب والمثقفين العرب في أمريكا، ورئيسة فرع مؤسسة عرار للإعلام والثقافة في الولايات المتحدة، إلى جانب كونها عضوًا فاعلًا في هيئات ثقافية دولية، مثل "المنظمة العالمية للإبداع من أجل السلام".
تملك عريقات عددًا من الإسهامات الشعرية والأدبية، مثل دواوين "ضيفتنا طريق العشق", "ديوان همس الكلام", و*"ديوان بديوان"*، مما يعكس غزارة تجربتها الأدبية وتنوعها بين العاطفي، الوطني، والإنساني. ومن خلال سيرتها نلمس شخصية مثقفة ملتزمة، تجمع بين الإعلام، الثقافة، والأدب، وتعبر عن انتماء قوي لقضيتها الفلسطينية مع نزعة إنسانية واضحة في الدعوة للسلام والإبداع.
ثانيًا: الدراسة النقدية للقصيدة 1. الموضوع والمضمون قصيدة "أدمنتك" تمثل خطابًا عاطفيًا مباشرًا من الأنثى العاشقة إلى معشوقها، حيث تجسد الشاعرة مفهوم الإدمان العاطفي، وهو تيمة تلامس حالات الحب القهري والارتباط الشعوري العميق الذي يتجاوز حدود المنطق والواقع. تكرر الشاعرة كلمة "أدمنتك" كجملة محورية تؤسس لبنية القصيدة وتخلق إيقاعًا نفسيًا داخليًا يوحي بالاضطراب والاشتياق والوله.
2. البنية الأسلوبية التكرار: اعتمدت الشاعرة على تكرار عبارة "أدمنتك" لتعزيز حالة الاضطراب النفسي، ما يعكس الانغماس الكلي في تجربة الحب. هذا التكرار يلعب دورًا موسيقيًا يحاكي ترددات القلب الملهوف.
التضاد: وظّفت التضاد بين القرب والبعد ("رغم بعدك عني" / "وأنت على صدري")، ليظهر الحب كتجربة متناقضة تجمع الألم واللذة، والقرب الجسدي والبعد الروحي.
الصور الشعرية: الشاعرة بارعة في استخدام الاستعارات، كقولها "جمرة لاهبة في كبدي" و"ثورة في عشقي"، ما يعكس حرارة العاطفة المتأججة وثوران المشاعر.
3. التقنيات البلاغية الاستفهام البلاغي: توظف الشاعرة الأسئلة لتعميق الصراع الداخلي ("وتسألني يا حبيبي: لماذا أحببتك؟")، مما يمنح النص بعدًا حواريًا ويكسر رتابة البوح.
الدعوة للصراخ والانفجار: تطلب من الحبيب أن "يصرخ وينفجر" كوسيلة للتحرر من إدمانها، ما يكشف عن تعبير وجودي عميق؛ فالحب هنا مرض لا يُشفى إلا بصدمات عنيفة.
4. البعد النفسي والاجتماعي من خلال القصيدة، نلمح إسقاطات من حياة الشاعرة كأنثى فلسطينية عاشت بين المنفى والحنين، وبين الانتماء للوطن والاغتراب الجسدي. تجربة العشق عند هتاف ليست مجرد غرام، بل استعارة عن التعلق بكل ما فقدته، سواء كان الحبيب، الوطن، أم الذات القديمة.
5. الصوت النسوي نجد في القصيدة نبرة نسوية جريئة؛ فالشاعرة تعبر عن شغفها ورغبتها دون مواربة أو خجل، وهو موقف يُحسب لها، خصوصًا ضمن الثقافة الشرقية التي عادة ما تقيد تعبير المرأة عن العاطفة المباشرة.
ثالثًا: العلاقة بين السيرة والنص الاغتراب: كما عاشت الشاعرة في منفى اختياري بالولايات المتحدة، كذلك تعبر القصيدة عن اغتراب عاطفي؛ فالحبيب قريب فيزيائيًا لكنه بعيد وجدانيًا.
الثورة والتمرد: هتاف عريقات، التي تنتمي لمجتمع مثقف يعارض الاحتلال ويدعو للسلام، تحمل في قصيدتها ملامح التمرد الداخلي، إذ تطلب من الحبيب أن "يصرخ وينفجر" كأنها تدعو أيضًا للثورة على حالة الصمت والقهر.
الوظيفة الإعلامية: تعكس القصيدة براعة الشاعرة في الخطاب المباشر والإقناع، وهي مهارة متأتية من خبرتها الطويلة في الإعلام، وقيادتها لفرع مؤسسة عرار التي تعنى بالإعلام والثقافة.
خاتمة قصيدة "أدمنتك" تنتمي لمدرسة البوح الصريح، وتجمع بين حرارة العاطفة وعمق الألم الوجودي. استطاعت هتاف عريقات أن تحوّل تجربة الحب العادي إلى ملحمة داخلية تشتبك فيها العاطفة مع الجسد والعقل، مستخدمة أدوات بلاغية قوية تتناسب مع تجربتها الحياتية كأنثى عربية مغتربة، مثقفة، وشاعرة تكتب من قلب الجرح والحنين.
أدمنتـــــــكَ __ إنّي قد أدمنتُكَ يا حبيبي في صحوي ونومي وفي كلِّ أفكاري وهذا الإدمانُ لكِ قد بعثرَ أوراقي وأحرقَ لي أجملَ كرومي وأخصبَها وأطاحَ بالنّوم من عينيَّ حتّى أنّ أمهرَ أطبّاءِ عصري قد فشلوا في علاجي من أسقامي فعلاجي لن يتمَّ إلّا على يديكَ فأنتَ قد غدوتَ دنيا سلامي وفرحي وانطلاقي لقد أدمنتُكَ نعم أدمنتُكَ والإقلاعُ عنكَ فيه موتي وهلاكي أدمنتُكَ رغمَ بُعدِكَ عنّي أدمنتُكَ وأنتَ قريبٌ منّي وأنتَ على صدري وفي وسطِ أصحابي وخلّاني إدماني لكَ يأتيني في حلمي وهو جمرةٌ لاهبةٌ في كبدي وثورةٌ في عشقي إنّه صمتي وهذياني وجرعةُ السّلوى وهو أيضًا محطِّمُ أعصابي . وتسألني ياحبيبي: لماذا أحببتكَ؟ وتسألني عن حالي وتسألني عن سهدي وعن ترياقي إنّ صمتَكَ يشعلُ ثورةَ إدمانِكَ فيَّ فاصرخْ وانفجرْ في وجهي لعلَّ صراخَكَ يشفيني من إدمانِكَ وعسى دموعُ حبِّكَ حبيبي تغسلُ بُعدَكَ وعشقي واشتياقي وتجعلُني أُفيقُ من سكرتي وأتجرّعُ كأسَ إدمانِكَ وحرماني إنّي أحبُّكُ وإنّي أنتظرُكَ مها طالَ الزّمانُ ومهما قسا سأنتظرُكَ وأنتظرُكَ وأنتظرُكَ ___ الشاعر / هتاف عريقات الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الخميس 15-05-2025 04:10 مساء الزوار: 46 التعليقات: 0
|
|