إشهار رواية «السيح» للروائي مجدي دعيبس في منتدى الرواد الكبار
عرار:
نضال برقان نظّم منتدى الروّاد الكبار، يوم السبت الماضي، حفل إشهار رواية «السيح» للروائي مجدي دعيبس، بمشاركة كل من الروائيين: أسيد الحوتري وسامر المجالي، وإدارة المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص التي أشارت إلى معنى كلمة (السيح) في الموروث الشعبي وهو التجويف الصخري الطبيعي الذي يشبه الكهف غير أنّ له فتحة في السقف حيث تسيح مياه الأمطار على الصخور المجاورة وتسقط في التجويف وتظل هناك حتى الصيف ليستخدمها الأهالي لسقاية حيواناتهم ومزروعاتهم. كما أشارت إلى الثلاثية التاريخية للروائي مجدي دعيبس التي عنيت بثورات العرب في القرن العشرين: الوزر المالح وقلعة الدروز والسيح. ثم قدّم المتحدثان قراءة نقدية في الرواية وتحدّثا عن عوالمها ومناخاتها من زوايا مختلفة. وفي مستهل اللقاء قالت السيدة بثينة العقّاد في كلمتها الترحيبيّة: يقدم الروائي مجدي دعيبس في رواية السيح الثورة الفلسطينية الكبرى بأسلوب أدبي تختلط فيه شخصيات من التاريخ بأخرى من خياله لينسج لنا حبكة الرواية التي تمتدّ زمانيًّا من بداية الانتداب البريطاني على فلسطين وتستمر إلى نهاية الحرب العالمية الثانية ويتوزع المكان بين الأردن وفلسطين في جغرافيا كانت وما زالت متصلة تاريخيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا. وذكر الروائي والناقد أسيد الحوتري في معرض حديثه عن الرواية: اتّبع دعيبس عمومًا نهجًا واحدًا في بناء ثلاثية الثورات، معتمدًا على ما يمكن أن يُطلق عليه «قاعدة تكوين الصورة الفوتوغرافية»، وهو ترتيب مقصود ومدروس لعناصر الصورة داخل إطارها. كما يمكن مقارنة ترتيب العناصر داخل الصورة بالإيقاع الموسيقي، فهذا الترتيب البنيوي لعناصر الصورة داخل الإطار هو نوع من السرد البصري المتوازن والمنسجم والماتع. أما عناصر الصورة الفوتوغرافية فتتكون مما يأتي: أولا، المقدمة وهي النقطة الأقرب إلى عدسة الكاميرا والموجودة داخل إطار الصورة. ثانيا، الوسط وهو المنطقة المركزية في الصورة؛ بين المقدمة والخلفية، وتشتمل على الموضوع الرئيس للصورة. ثالثا، الخلفية وهي الجزء الأبعد من عدسة الكاميرا وتتوفر فيها عناصر ومعلومات سياقية خاصة تكمّل قصة الصورة. هذه العناصر الثلاثة: المقدمة، الوسط، والخلفية هي التي تسرد قصة الصورة بالكامل. كانت مقدمات الروايات الثلاث والتي تقوم مقام مقدمات الصور الفوتوغرافية تعكس السياقات العامة للمجتمع الذي تتحدث عنه الرواية؛ السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. أما العنصر الثاني (الوسط) لصور ثلاثية الثورات فكانت قصص الحب، وفي خلفيات الصور جاءت الثورات في سياقها التاريخي الخاص كنتيجة طبيعية للمقدمات العامة التي أرهقت الناس وأثقلت كاهلهم. وأشار الروائي والباحث سامر المجالي في ورقته إلى عدة أمور تميّز كتابة مجدي دعيبس منها الرشاقة التي تقدم كل شيء بحساب لا يزيد ولا ينقص الأمر الذي انعكس على هيكلية الرواية التي جاءت في ثلاثة محاور: محور سند؛ الابن الذي خرج غاضبًا من الدار في السيح على إثر خلاف عارض مع أبيه وتوجهه إلى حيفا، ومحور الأخ مقبول الذي تولى مهمة البحث عن أخيه وانخراطه في الثورة، ومحور الأب وخطفه لتركية. وذكر المجالي أيضًا أنّ السرد مازج بين تعدد الأصوات والراوي العليم للخروج من سطوة النغمة الأحادية وكسر رتابة السرد كما عمد الروائي إلى توزيع الجرعات الدرامية لضخ التشويق على مدار الرواية. وتحدث عن أعمال روائية وقصصية ركّز خط سردها على القضية الفلسطينيّة، وعن المسكوت عنه قال في مقارنة سريعة بين ماوية في رواية النبطي ليوسف زيدان وتركية في السيح، إن ماوية التي تزوجها النبطي وجاء بها من مصر إلى البتراء عادت في نهاية الرواية إلى مسقط رأسها، بينما تركية المولودة في عين غزالة في جنين عاشت وماتت في الأردن، وهذا دليل على عمق العلاقة واندغامها في كينونة واحدة. وذكر دعيبس في شهادته أنّ هذه الرواية تأتي على سبيل التحية لروح نوح إبراهيم شاعر الثورة وشهيدها، الذي جاءت صورته على الغلاف الخلفي باللباس العربي إلى جانب جزء من قصيدة له تتحدث عن أم باعت سيغتها لتشتري لابنها بندقية ليلتحق بالثوّار. نوح إبراهيم شاعر شعبي كتب قصائد باللغة المحكية في تمجيد الثورة، وهو أيضًا ملحّن ومغني كان يسجّل أغانيه على أسطوانات الفونوغراف ثم تُوزّع في عموم فلسطين. تحدث دعيبس عن حياة نوح إبراهيم وتردده على جامع الاستقلال وتتلمذه على يد عز الدين القسام وسفره إلى العراق والبحرين للعمل في المطابع ثم العودة إلى فلسطين حال اندلاع الثورة، ووقوعه في الأسر ثم الإفراج عنه من قبل الجنرال «دل» قائد القوات البريطانية في فلسطين عام 1937 عندما فهم فحوى الأغنية التي دخل عليها السجن وهي بعنوان «دبرها يا مستر دل». ويقول في مقطع منها: (دبرها يا مستر (دل) بلكي على إيدك بتحل إن كنت عاوز يا جنرال بالقوة تغير هالحال لازم تعتقد أكيد طلبك/ صعب من المحال لكن خدها بالحكمة وأعطينا الثمن يا خال ونفّذ شروط الأمة/ من حرية واستقلال دبرها يا مستر (دل) بلكي على إيدك بتحل) وفي الختام ردّ الكاتب على ملاحظات ومداخلات وأسئلة الحضور ووقع لهم بعض نسخ الرواية قبل أن تختم القّاصة سحر ملص الفعالية.