|
|
||
|
قراءة نقدية استقرائية وتحليل للسيرة الذاتية والأدبية للشاعرة ريما حلواني ..إعداد: د. موسى الشيخاني
قراءة نقدية استقرائية وتحليل للسيرة الذاتية والأدبية للشاعرة ريما حلواني ..إعداد: د. موسى الشيخاني
أولًا: تمهيد في قصيدتها "قيثارة وعزف"، تنسج الشاعرة ريما خالد حلواني نسيجًا شعريًا مفعمًا بالحس الموسيقي والعاطفة الصوفية، حيث تستحضر جماليات الصوت والروح، وتترجمها إلى نص شعري يفيض بالحب والأنوثة والصفاء. هذه القصيدة ليست مجرّد تدفق وجداني، بل بناء جمالي ينمّ عن تجربة شعريّة ناضجة تتكئ على لغةٍ شفيفة وصورٍ زاخرة بالإيحاء.
ثانيًا: السيرة الذاتية والأدبية للشاعرة ريما خالد حلواني، شاعرة لبنانية تنتمي إلى جيل شعري حديث، يتّسم بالحسّ المرهف والارتكاز على الموسيقى الداخلية في القصيدة، كما تعكس نصوصها تفاعلًا شعريًا ناضجًا مع قضايا الحب والهوية والذات. تنتمي ريما إلى بيئة أدبية لبنانية عُرفت تاريخيًا بإسهاماتها الكبيرة في الشعر العربي الحديث، من جبران إلى نزار إلى أنسي الحاج، وتُواصل من موقعها الإبداعي هذا الإرث بأسلوبها الخاص.
وتتميز تجربتها بما يلي: - تأنيث اللغة والعاطفة بأسلوب موسيقي داخلي. - التفاعل مع الطبيعة والصوت والرائحة بوصفها امتدادات للذات الشاعرة. - خطاب شاعري موجّه إلى "الآخر"، بأسلوب صوفي محبّب يمزج بين الغياب والحضور. - وعي فنيّ بأسلوب التعبير لا يخلو من التجريب اللغوي المدروس.
ثالثًا: القراءة النقدية الاستقرائية لقصيدة "قيثارة وعزف" 1. العنوان بوصفه مفتاحًا للتأويل العنوان يحمل ازدواجًا فنيًا: "قيثارة" تشير إلى الآلة الموسيقية الكلاسيكية ذات الرنين الشفاف، و"عزف" هو الفعل الذي يحرّك هذه القيثارة. المعنى هنا واضح: نحن بإزاء تجربة وجدانية موسيقية، تعزفها الروح لا الأصابع. 2. البنية الدلالية: الموسيقى/الحب/الوجود نلحظ في المقطع الأول حضورًا لكلمات مثل: "ترانيم"، "قيثارة"، "حروف عشق"، "أسفار حلم"، "وسادة خالدة". هذه التراكيب تومئ إلى حالة انخطاف شعري صوفي، تنبع من لحظة حب تنفلت من الواقع لتستقر في الحلم والخيال. 3. الصيغة الحوارية والندائية "غرّد لي / وانسبُ على مسمعي" "تعال ببصمتك المعتادة" تُوجّه الشاعرة خطابها إلى "الآخر" الغائب الحاضر، المحبوب أو العازف أو المُلهِم، وتمنحه سلطة الموسيقى والتشكيل الوجداني. هذا الخطاب النِّدائي يضفي على القصيدة طابعًا دراميًا خافتًا ومشحونًا بالشوق. 4. التجريد الحسي في قولها: "بعثرني فوق حروفك / لتفوح نسماتك أريجًا" يتحوّل الجسد إلى كتابة، والعطر إلى معنى، والحروف إلى وسادة وجودية. إنّها كتابة تقوم على التجريد الحسي حيث يمتزج الجسدي باللغوي، والعاطفي بالعقلي. 5. الصورة الشعرية: التنامي الإيقاعي والانسياب تتوالى الصور على نحو حلزوني، وكل صورة تقود إلى أختها: من النغم، إلى العطر، إلى الرحيق، إلى الرذاذ، إلى الأهازيج. وهذه التقنية تخلق في القارئ شعورًا بالتدرج الروحي والانسياب العاطفي، كما لو كانت القصيدة طقسًا غنائياً يعلو شيئًا فشيئًا نحو الذروة.
رابعًا: الخصائص الفنية في شعر ريما خالد حلواني - اللغة: لغة شفافة، تعتمد البساطة والعمق في آنٍ، وتبتعد عن التعقيد أو الزخرفة المجانية. - الإيقاع: إيقاع داخلي هادئ، تخلقه التكرارات الرشيقة والأفعال الانسيابية (غرّد، بعثرني، ارسمْني، تعال). - الصورة: الصورة في شعرها ليست زخرفًا بل وسيلة تعبير وجودي؛ الصورة تُعادل الحالة النفسية. - الثيمة المتكررة: الحنين، الحب، السلام الداخلي، التماهي مع الطبيعة واللغة.
خامسًا: خاتمة واستنتاج الشاعرة ريما خالد حلواني تقدّم في قصيدتها "قيثارة وعزف" تجربة وجدانية راقية، تتقاطع فيها الموسيقى مع العاطفة، وتتحول اللغة إلى حقلٍ للعطر والأنغام والمشاعر المتدفقة. هي شاعرة تحمل وعيًا داخليًا عميقًا بجماليات التعبير، وتشكّل حضورًا شعريًا أنثويًا لافتًا في الساحة الأدبية.
ولعلّ ما يميّز صوت ريما الشعري هو هذا الالتحام بين الوجدان والكتابة، بحيث تصبح القصيدة مرآةً نقية لروحها المرهفة، وعزفًا صامتًا على قيثارة الذات.
إعداد: الدكتور موسى الشيخاني ناقد وباحث في الشعر العربي الحديث الرئيس التنفيذي لمؤسسة عرار العربية للإعلام رئيس مجلس إدارة مركز عرار للدراسات الأدبية والنقدية والنقد المقارن
قصيدة الشاعرة:
قيثارة وعزف
ترانيم جمال قيثارة عزف حروف عشق وأسفار حلم تفيض في كأس الحياة تتناغم على وسادة خالدة ترانيم جمالك أنشودة وأسطورة
غرّد لي وانْسَبُ على مسمعي ففي موسيقاك ارى أبجدية روحي
ارسمني نغمات تتطاير مع الحانك عانق روحي وأدركني في نفحات عطرك
بعثرني فوق حروفك لتفوح نسماتك اريجًا في العراء وعلى سفوح قلبي
تعال ببصمتك المعتادة ودع نبض قلبي يهتف في الفضاء لتهطل رذاذ حب على أهازيج روحي ورحيق ودّ يدوّن اسمك في وهج الكلام أنشودة سلام قيثارة عزفت في سهل عشقي الممتنع تقاسيم امل على مدى عمري
بقلمي ريما خالد حلواني الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الإثنين 14-07-2025 10:04 مساء الزوار: 138 التعليقات: 0
|
|