عاين أكاديميون ومختصون الرواية الأردنيّة- الجذور وآفاق الحداثة، وذلك ضمن حلقة بحثيّة أقامت أول من أمس في الجامعة الأميركيّة برعاية رئيسها البروفيسور نبيل أيّوب، وبالتعاون مع مديريّة الثقافة في محافظة مادبا.
ورأى المشاركون في هذه الحلقة أن الرواية اقتحمت متن الحياة واحتلت المشهد الثقافي، وضمت في ثناياها كل الأجناس الادبية، لافتين إلى ان الرواية الأردنية شغلت مكانا مرموقا في الرواية العربية.
وحذر المتحدثون من ما اطلقوا عليه "رواية السقوط"، التي كما قالوا "ترسخ للسقوط والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وتتحدث عن العجز المقاومة وتسيء لنماذج وطنية بحجة ان الرواية تقدم الواقع".
وأشار المشاركون إلى النقلة التي حصلت في الرواية الأردنية على يد الروائي الراحل الاردني تيسير سبول من خلال نص صغير هو رواية "أنت منذ اليوم"، التي ما تزال تقرأ رغم مرور "50" عام على صدورها.
ونوه المتحدثون في هذه الحلقة وهم: د.إبراهيم خليل، الروائي إلياس فركوح، د.زهير عبيدات، عماد الضمور، وأدارتها د.شهلا العجيلي، إلى وجود طوفان من النصوص الروائية وهي ظاهرة ليست اردنية فقط بل هي عالمية حيث يقدم إلى جائزة كتارا للرواية العربية زهاء "300"، رواية عربية.
تحدّث د.إبراهيم خليل من الجامعة الأردنيّة في ورقته عن ولادة الرواية العربيّة، وعن نشأتها في الأردن، ومفاصلها الرئيسة، وعن جذورها الأوربيّة والعربيّة، وعن كيفيّة تلقّيها في المجتمع العربيّ.
الروائيّ إلياس فركوح تحدّث عن نقلة الرواية العربيّة بوصفها نوعاً أدبيّاً من الهامش إلى  المتن، وميّز بين وجودها الشعبويّ لدى جمهور المتلقّين، وبين نخبويّة النصوص وجودتها.
ورأى فركوح ان الحداثة ليس شكلا بل هي في طرح السؤال، وليس كل نص خارج عن التقليد هو نص حداثي، مشيرا إلى أن الرواية بحاجة إلى اعادة نظر، فليس كل رواية حصلت على جائزة وطبعة اكثر من مرة معنها انها رواية جيدة بل قد تكون "ضعيفة".
بينما أشار د.زهير عبيدات إلى ريادة النصّ الروائيّ الأردنيّ الرقميّ عبر روايات محمّد سناجلة، وإلى خروج الرواية الأردنيّة إلى الأفق العالميّ عبر معالجتها لظواهر إنسانيّة عامّة، كما فعلت سميحة خريس في نصوصها الأخيرة التي تناولت قضيّة العبوديّة، كما وجّه إلى ضرورة مفهوم الالتزام في الرواية العربيّة التي تكتب اليوم، وإلى القلق من تحوّل الرواية إلى خطاب عنف وكراهية.
وحذر عبيدات من رواية السقوط قائلا "ترسخ رواية السقوط للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وتتحدث عن عجز المقاومة وتسيء لنماذج وطنية بحجة ان الرواية تقدم الواقع"، مشيرا إلى وجود كتابات لا تستند إلى مرجعية فكرية ولا توجد لدى الكاتب فكرة يستند عليها.
وأشار د.عماد الضمور إلى المرجعيّات الاجتماعيّة للرواية في الأردنّ، وإلى الاستعارات التراثيّة في الشكل الفنيّ، وأثار أسئلة حول دور الجوائز ودور النشر في تسويق الأعمال الروائيّة.
ورأى الضمور ان الرواية الاردنية منذ نكسة حزيران ارتكزت إلى الواقعية التسجيلية بشكل يصل إلى حد الذوبان فأنتج خطابا مأساويا، أعاد معها الروائي تشكيل رؤيته لعادته وتقاليده ومسلمات كانت بالنسبة له حقيقة مطلقة وبخاصة فيما يتعلق  بالوحدة العربية، فضلا عما احدثته المتغيرات العالمية والتطورات العلمية من هزة فكرية ومعطيات جديدة اكثر تعقيدا أحدثت ثورة من الجدل والشكل بما كان يعد سابقا انه فكر راسخ.
قدّمت الدكتورة شهلا العجيلي ورقة حول: سؤال الهويّة في الرواية العربيّة- الرواية الأردنيّة نموذجاً، تحدّثت فيها عن الهويّة بوصفها عاملاً وجوديّاً معرفيّاً في تكوين الرواية من جهة، وعن الهويّة بوصفها ثيمة في الرواية الأردنيّة.
وأشارت العجيلي إلى أنّ نشأة الرواية العربيّة كانت صراعاً بين هويّات، كالتقليد والحداثة، والتأصيل والتغريب، وذلك انعكس على البنية الفنيّة، ثمّ تحوّل ذلك إلى صراع هويّات إديولوجيّة، ثمّ صراع أنساق ثقافيّة صغرى.
هذا وقد افتتح الحلقة البحثيّة التي عقدت في حرم الجامعة البروفيسور أسامة حدّاد، نائب رئيس الجامعة الأميركيّة في مادبا، والقائم بأعمال الرئيس، وقدّم الأستاذ الدكتور باسم دبابنة عميد كليّة العلوم كلمة العمادة، وكذلك قدّم الأستاذ محمّد فساطلة مدير ثقافة محافظة مادبا كلمته الترحيبيّة بالمشاركين، ويجدر بالذكر مشاركة نخبة من الروائيّين والإعلاميين الفاعلين في الوسط الثقافيّ، منهم الروائيّة سميحة خريس، والروائيّ مفلح العدوان.