من أوراق دفتر الغياب 

عروسة البحر
ورحلت عروسة البحر تائهة
بين بيداء السماوات وخفر السؤال
رحلت وتركت قلبي حائرا بين
تصاعد الموج وروعة الأفلاك
رحلت وحفرت في فؤادي جرحا
أنساني روحي وصخب الأيام
لحظات قاتلة أسرت عيوني
وخطفت مني صوتي والكلام
وفجأة وبوميض ساحرحانت مني
إلتفاتة إلى السماء
إلتفاتة انصهرت معها أوجاعي
كما تنصهر النجوم بالفجر البسًام
حدُقت الطرف مخاطبة طيفها
فتكسرت رموشي على جبال
من سحب الخيال وروض الجنان
سحب فيروزية غارت قطراتها
بين دموع الورد والق العوسج والمرحان
شقائق النعمان أطلت ببراعمها من خلف الستار
تلملم أوجاع الحيارى والقلب الولهان
عصفورة الروح نقرت في أذني شاكية
أين زهور المرجان التي كانت تواسيني
وتحنو على جراحي الثكلى وأحزاني والسقام
أين هي ؟ أين ..؟ أين ؟
هل ما زال عبيرها عابقا بين
ثنايا القلب أم بات يسبح في عالم
لا يعرف مداه إلا خالق الاكوان
أين توأم الروح ورحيق الورد ؟
أين توارى عبير العنبر وغصن البان ؟
أين عروسة البحر وشعلة الفكر والبنان ؟
هل إجتذبتها أرواح الملائكة الى السماء
أم إن روحها مازالت تطفو على جبين الماء
أم إن الغياب أسدل وشاحه علينا
وأنسانا صوت المطروتبدل الأزمان
الحنين أضناني فتهت في الحلم بعيدا حائرة
مستعيرة من ريشة الطير يراعه
ومن جناحيه أشرعة للسفروالنغم الرنًان .
أخفض الطير عيونه خاشعا
لصدى قلبي الذي أعياه
تمزق الكلمات وصفير الوجع
صرخة من الروح اطلقتها
تناثرت زفراتها بين لجج الأمواج
وزبد الانهار ومداد الألوان
صرخة إستغاثة ناجيت بها
الكون والأفنان

بالله عليكم إرفقوا بقلبي وأخبروني
أين حط بها الترحال ؟

السؤال كبير والجفون خافته والليل أسود
ولا صوت إلا لنعيق الضفادع والغربان
لا وشاح يلتحف الفضاء إلا لهمسات
عروسة البحر ووهج جمالها الفتان

لا صدى الا لملكة البحر
التي أسلمت ذراعيها للإله
تاركة بين خياشيمها ذكريات
لم يلفظها البحر ولم تسبر أغوارها
حكايا الليل وصرير الأقلام وإشتعال الأشجان
أيام وليالي أمضتها وهي تمخر
عباب الامواج وأشرعة الربان

أذابت عمرها لتضيء ليل أحبابها
ولكن أبدا لم يدرك أحد عمق لآلئها
إلا بعد أن فاضت منها الروح
وارتقت الى عالم الرحمن
رحلت حبيبة القلب وفي العين غصة
وفي اليراع دمعة لم يجفف مآقيها
إلا عناية الله والصبر والسلوان
رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
وإنا لله وإنا إليه راجعون

سميرة البتلوني