مصير الحرب الحالية يرتبط الآن بنزوة رئيس أمريكي متقلب ومتراجع. إذا قصف فربما سيكون انتصار؛ إذا لم يقصف فستشن إسرائيل حرباً عبثية أخرى، زائدة وأخطر من سابقاتها. كان يجب أن يكون التدخل الأمريكي مضموناً مسبقاً. كان يجب أن يكون شرطاً لشن الحرب. في هذه الأثناء، يتدرب ترامب على تمارين فرض الاستسلام وإهانة إيران كطفل، ويدمر بتصريحاته الاحتمالية الضعيفة المتبقية للتوصل إلى اتفاق، الذي هو الفرصة الأخيرة لنهاية جيدة.

إذا بقيت طائرات القصف الثقيلة في قواعدها، فستستمر حرب الاستنزاف التي لا يمكن توقع نهايتها ومدتها. إسرائيل لن تصمد فيها لفترة طويلة، اجتماعياً، اقتصادياً وربما أيضاً عسكرياً. في المقابل، إذا حلقت القاذفات فربما يؤدي الأمر إلى إنهاء الحرب، وإلى حرب أكبر بكثير.

في ضباب هذه الحرب، إسرائيل موحدة خلف الحرب ورئيسها، وهي تحتفل وتتفاخر وتنفعل، وتردد وتتبجح بدون أي نقاش عام حول أي شيء. في الوقت الذي يشتعل فيه الحوار داخل الأستوديوهات، يشتعل حول من له الفضل. على ماذا؟ بالنسبة للعروض التي تشعل خيال الطيارين الذين يحلقون فوق طهران كما لو أنهم فوق غزة أو قاعدة “حتسريم”. يقول عميت سيغل إن الفضل يعود لرئيس الوزراء. ونير دبوري، يقول إن الفضل للمؤسسة الأمنية – نقاش فكري عميق بين عمالقة الجيل، والأمر لم يحسم بعد.

المذبحة في غزة لم تتوقف، بل تسير بسرعة نحو أبعاد الإبادة. طابور الحصول على الغذاء أصبح طابوراً للموت. من جاء دوره ومن سيأتي دوره بعد ذلك، مساء الخير، أيها اليأس، وليلة سعيدة، أيها الأمل. العداد يحسب كمية تدفق الدماء الفلسطينية مثلما تحسب مضخة البنزين كمية البنزين التي توضع في السيارة. لقد قتل 400 شخص بالفعل، جميعهم في طوابير للحصول على كيس طحين أو زجاجة زيت. ما ذنبهم؟ من لديه العقل للتعامل مع ذلك الآن، بين ركض وآخر إلى الملاجئ، الذي أصبح أمراً طبيعياً. الدمار في الشوارع أصبح أيضاً أمراً طبيعياً. هناك بالفعل شوارع تظهر مثل الحطام المتفحم بعد انفجار قنبلة، وهذا على ما يرام بالنسبة لنا. الشعب الذي كالأسد أصبح مريضاً.

كل شيء كأنه نزل من السماء، كارثة طبيعية، قدر محتم. الإنجازات بفعل يدنا ونتفاخر بها، الثمن قوة عليا. وكأنه لا خيار عدا هذا الواقع المجنون الذي وضعنا أنفسنا فيه بشكل متعمد. بعد حوالي أسبوع، اختارت إسرائيل شن الحرب في إيران بعد عشرين شهراً على الهجوم المجنون في قطاع غزة، الذي لم يثمر حتى الآن أي إنجاز بعيد المدى. ثمن الحرب في قطاع غزة سيتبين أن مداه أبعد من إنجازاتها، هذا إذا كانت هناك إنجازات. اسألوا في العالم من هي إسرائيل، تحدثوا مع إسرائيليين حول وجهة نظرهم من العالم. فساد أخلاقي لا دواء له. وعندما تنزف غزة وتكون إسرائيل مفسدة، يخرجون إلى حرب أخرى، حتى قبل خروج القوات من غزة ويعود المخطوفون إلى البيت. إسرائيل مسرورة وتصرخ بسعادة. “طهران تشتعل”، صرخت “يديعوت أحرونوت” وفي صوت الرعد من ريشون لتسيون، في الوقت الذي كانت فيه على بعد بضعة أمتار عن منزلي بيوت تحترق. الشعب الذي هو كالأسد أصيب بالمرض.

إلى أين نحن ذاهبون، وللدقة، إلى أين ننقاد مثل الشاة للذبح أو مثل قطيع إلى النصر الموهوم؟ إيران لن تستسلم، وبالتأكيد ليس بعد حملة التبجح الأمريكية – الإسرائيلية. النهاية المحتملة الأفضل ستكون باتفاق نووي جديد، وحتى هذا لن يكون نهاية سعيدة. ما الذي سيكون مفرحاً في مجتمع يحمل آثار الندب منذ عشرين شهراً في غزة؟ ومن يعرف كم من الوقت سيبقى في الملاجئ؟ وما الجدوى حتى لو تنازلت إيران عن مشروعها النووي؟ مجتمع واقتصاد متفكك مع آلاف مجرمي الحرب في غزة الذين يتجولون قربها، معسكر غير موحد ولكنه متشابه بدرجة مخيفة، وزعيم يعطي مقابلة لمؤيديه في مشهد صحافي مثير للسخرية. الأساس أننا صفينا اثنين من رؤساء الأركان في أسبوع واحد.

جدعون ليفي

هآرتس 19/6/2025