والفنانة مريم تسعى باستمرار من خلال تجاربها إلى التجديد والبحث، لأن اللوحة مشروع يتألف من مراحل متتالية ومتداخلة تجعلها في صراع داخلي حتى تصل إلى أعماق ذلك الشيء المفقود من خلال اللون والخط، وفق ما قالته لـ"الغد" "استطعت أن أقدم تجربة جديدة تحمل أصالة الماضي، إلى جانب الفن المعاصر من خلال المزج في لوحاتي بين الفن التشكيلي والزخرفة الإسلامية والخط العربي من خلال عملية تدوير المخلفات الورقية، ما منحني خطا وأسلوبا خاصا بي".
واستطاعت تطوير مهاراتها من خلال اتخاذها خطا خاصا بها في عالم الفن التشكيلي، ويكمن في إتقانها الرسم بالألوان المائية في معظم أعمالها الفنية، مشيرة إلى أنها تجيد فن الرسم بالأسلوب الواقعي التعبيري، باستخدامها الألوان المائية في إبراز مكنونها الإبداعي للمتذوقين ومحبي الفن التشكيلي.
ويتوافق مضمون عملها الإبداعي مع قدرات الإنسان من خلال تعزيز ثقافة الفن والإبداع في المجتمع، وتوظيفها في مساعي الاستدامة البيئية، خاصة أن أعمالها هي من المواد التي جرى إعادة تدويرها إلى لوحات وقطع فنية مميزة، لتوجيه رسالة للمجتمع حول أهمية الحفاظ على البيئة وتبني الاستدامة كأسلوب حياة.
وتقول الفنانة مريم وهي عضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين "إن إنتاج القطع الفنية يحتاج إلى وقت، حسب القطع وخاصة الصغيرة، لأن هذا العمل لا يحتمل أي خطأ، ويجب أن يكون أكثر دقة".
تسعى مريم دائما إلى تعزيز فكرة تدوير المواد البسيطة بالتشكيل وتحويلها إلى مجسمات أكثر نضارة وجمالا، وهي لا تطمح إلى جني المال من ذلك بقدر ما تسعى إلى الحصول على المتعة بالتشكيل، وتحقيق شعور جميل بالقدرة على الإنتاج في المجتمع.
وتؤكد أن اتجاهها إلى البحث عن أسلوب يضمن تفردها من خلال استخدامها لعملية التدوير، يحتاج إلى مزيد من الصبر والتحدي، وهو أسلوب يتطلب مهارة ودقة في التنفيذ لتعطي ملمسا وبريقا يجذب العين إلى تلك الأعمال ليعبر عن خصوصيتها ما أعطى اللوحة جمالية وشفافية رائعة.
وقدمت مريم شرحا عن عملها بشكل مبسط، إذ قالت "إنها تستخدم مادة الكونكريت لخلطها وصبها على القطع ثم ترسم الشكل للوحة أو قطعة، وبعد ذلك تصب مادة الريزن الشفافة في أعمالها على القطعة والكتابات المعينة، وذلك من أجل حماية اللوحة أو القطعة"، مشيرة إلى أنها تميل في أعمالها الفنية إلى التعبيرية الواقعية الممزوجة بالفن التراثي الأصيل والزخرفة الإسلامية، لأنها ترى فيها الجمال والأصالة والثراء، الذي تستقي منه دون كلل أو ملل. وفق ما تؤكده أنها تحب الطابع التراثي الذي طغى على مجمل لوحاتها، وكذلك وحدات الفن التراثي المميزة، وألوانها المائية المبهجة.
وأكدت أن هذه التجربة أكسبتها خبرة في استغلال المواد المستهلكة، وكان لها أثر مجتمعي في رفع الوعي لاستخدام المستهلكات عديمة القيمة وتحويلها إلى قطع فنية ذات قيمة، واستغلالها في الجماليات ورفع الذائقة البصرية من ناحية، وتقليل التلوث من ناحية أخرى، والمساهمة في تقليص هذا التلوث، بحسبها "لنصنع فرقا ونترك أثرا طيباً في المحافظة على البيئة".
وتقول الفنانة مريم "إن حبها للزخرفة الإسلامية ترك لها فيها أثرا واضحا، فالتكوينات والحروف على بساطتها وتنوع ألوانها حققت علاقة بصرية مع المتلقي لتمنحه فرصة للتمعن واكتشاف السر وراء تلك الخطوط وبعدها الجمالي، إذ إن اللوحة أصبحت تشكيلات زخرفية للإبداع، لذلك فإنها ترى أن الفن يمكن أن يوظف في إنتاج أعمال فنية من قطع ومخلفات التي ينظر لها الفنان بعين الإبداع أن يجعل منها لوحة وقطعة فنية غاية بالجمال.
وتأمل في ختام حديثها، أن تعمل في تدريس فكرة إعادة تدوير المهملات وتحويلها إلى أعمال فنية في المدارس والجامعات، وهكذا تستطيع تحويل المخلفات إلى أعمال إبداعية، كما نستطيع أيضاً المحافظة البيئة.
ويذكر أن الفنانة مريم رضوان حاصلة على درجة البكالوريوس في الزخارف الإسلامية، وشاركت في العديد من المعارض الجماعية داخل الأردن، وتمتلك خبرات ومهارات عملية في المشغولات اليدوية.