في روايتها «ترتيبات عشوائية» الصادرة لأول مرة عن دار «الكرمة» للنشر نهاية عام 2019؛ تعود الكاتبة دنيا كمال بقرائها إلى زمن الرسائل المكتوبة بخط اليد، وما كانت تمثله في ذلك الحين من قيمة معنوية؛ فضلاً عن فيض المشاعر التي كانت تصاحب عملية تبادل الرسائل؛ بغض النظر إن كانت بين الأحبة؛ أو الأبناء وآبائهم؛ أو حتى الأصدقاء، وفيها تتبادل بطلة الرواية الرسائل مع 4 شخصيات مقربة منها في سياق الأحداث، وفي الوقت ذاته يتعرف القارئ إلى مجمل الأحداث من خلال تلك الرسائل. تسرد الكاتبة إحدى الرسائل التي جاءت في الرواية، فتقول: «عزيزي يوسف؛ الحب كلمة مخيفة؛ ربما مبتذلة كذلك؛ لا أعرف، ولكنني كنت أحكي لصديقنا المشترك الصغير أنني أشعر بكثير من الامتنان لأنني تعرَّفت إلى الحب من قبل؛ بل وأمضيت ثمانية أشهر أرتع في خباياه، ولحظاته الذهبية التي هي ليست من هذا العالم. أنا شخص محظوظ جداً، ففي يوم ما وقفت أمام المرآة، وقلت لنفسي ها هي ذي السعادة؛ لا تبحثي عنها لأنها هنا؛ هذا هو الحب يتجلى واقفاً واضحاً مبتسماً يلوِّح بيده ويقول لي: استمتعي، فلن أظل هنا كثيراً». ويصف أحد القراء الرواية ومدى تأثره بها قائلاً: «في هذه الرواية تتناوب الرسائل للموجود والمفقود؛ الباقي والراحل؛ القريب والبعيد. مع من نتحدث عندما نكتب الخطابات؟؛ مع الآخرين أم مع أنفسنا؟. إنه أدب رسائل يختلط فيه العام والخاص؛ مغطياً فترة تمتد ل15 عاماً. إنها رواية أصيلة التعبير؛ لا تكتب عن الماضي بالنظر للوراء، ولا بالتحضير للمستقبل. هذه رواية مكتوبة بانسيابية متحررة من التأطير والتحضير والتخطيط».
ويتحدث قارئ آخر عن فيض المشاعر التي تركتها الرواية في نفسه بعد الانتهاء من قراءتها، ويقول: «مشاعر متضاربة كثيرة تختلج بداخلك وأنت تقرأ هذه الرواية لكاتبة تنتمي لنفس الجيل، ومرَّت بنفس الأحداث والأحلام والانكسارات في العقد الفائت. لقد اختارت الكاتبة تكنيك كتابة الرسائل لسرد أحداث الرواية، ونجحت في ذلك رغم صعوبته. إنها رواية مكتوبة بصدق شديد، وذاتية تصل إلى القارئ ويشعر بها دون ادعاء أو تكلف». ويشير أحد القراء إلى أن «الرواية ممتعة جداً، وأن الفكرة نفسها جميلة وليست مستهلكة، فالقليل من الكتّاب كانوا يمتلكون الجرأة للكتابة بأسلوب الرسائل بإتقان، ولكن هذا ليس غريباً على الكاتبة، فأعمالها السابقة تتحدث عنها؛ حيث ليس من السهل أبداً تحويل مجموعة من الرسائل إلى عمل أدبي مترابط ومحكم؛ بل إنه تحدٍ كبير أمام أي كاتب. يمكنني القول إن الكاتبة أخرجت لنا عملاً ممتعاً». وتبدي إحدى القارئات إعجابها الشديد بالرواية والكاتبة على حدٍّ سواء، فتقول: «إنه ثالث عمل أدبي أقرأه لهذه الكاتبة الجميلة، وأنا أحبها أكثر مع كل عمل جديد أقرأه لها. أحب وصفها الدقيق للمشاعر؛ للألم وانكسارات القلب، ولكل الأحلام المبتورة التي لم تتحقق. أسلوبها جميل ويلامس القلوب». وعلى المنوال نفسه تقول قارئة أخرى: «لم أستطع أن أترك اللحظة تأخذ مجراها، ومن دون تفكير في كل الأشياء والحيثيات، والأشخاص والترتيبات العشوائية، والمواعيد المؤجلة والتي لا تحتمل التأجيل. أنا أحب الرسائل كثيراً، وقد استمتعت بها للغاية. هناك شيء خفي في تلك الرسائل يلامس القلب، ويترك أثراً».