ناقش نادي الكتاب، اليوم الخميس، في فندق الفورسيزنز في عمّان، رواية "وادي الفراشات".
الرواية من تأليف الكاتب العراقي أزهر جرجيس، وصدرت عن دار الرافدين عام 2024، وقد وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية.
تقع الرواية في حوالي 215 صفحة، لغتها قوية، أو يمكننا القول "من السهل الممتنع"، ممتعة وتزخر بالسخرية؛ سخرية المواقف في حالات البؤس والشقاء والتعثّر وسوء الحظ الذي رافق شخصية الرواية الرئيسية عزيز عواد.
يأخذنا الكاتب عبر رحلة حياة عزيز عواد، منذ كان في سن الثالثة عشرة، إلى أن دخل كلية الفنون الجميلة وتعرّف إلى حبيبته ثم زوجته تمارا، التي تركته بعد أن رافقه سوء الحظ طوال حياته، إلى اللحظة التي يفقد فيها الأمل وينوي الانتحار.
فهل ينتحر؟ أم يُفتح له باب الأمل من جديد؟
تبدأ الحكاية في عام 1999، حين كان حزب البعث هو النظام الحاكم تحت رئاسة صدام حسين، وتنتهي في عام 2024.
وخلال هذه السنوات، تكون شخصية عزيز عواد شاهدة على التغيرات السياسية والاضطرابات التي عصفت بالعراق في تلك الفترة، إذ يقول في هذا الصدد:
"فإنا وإن وُلدتُ في أرض يعشّش فيها الموت، لم أرَ ميتًا في حياتي قط" – صفحة 13،
مشيرًا إلى أنه لم يرَ جثمان والده الذي تُوفِّي حين كان فتى في الثالثة عشرة.
ومع ذلك، لا يدخل الكاتب في تفاصيل السياسة والتحولات التي طرأت على البلاد بعد الغزو الأمريكي للعراق وسقوط نظام صدام حسين والحرب الأهلية الدموية التي عصفت بالبلاد، على الرغم من الإشارات والدلالات بين السطور خلال الفترة التي رافقت رحلة حياة عزيز، ما يجعلها رواية إنسانية بحق.
وفي خطٍّ موازٍ لشخصية عواد، هناك شخصية خاله جبران، صاحب المكتبة، حيث شكّلت تلك المكتبة وكتبها عنصرًا رئيسيًا في حياة عزيز. كان من المفروض أن يذاكر دروسه فيها، ولكنه، بدلاً من ذلك، كان يقرأ الكتب المتوفرة فيها خلسة عن خاله.
والشخصية الأخرى التي كانت محورية، ولو في صفحات متأخرة من الرواية، هي شخصية النقّاش، الذي كان يحمل جثث الأطفال المتروكين – المهملين والمهمّشين – ويدفنها في مقبرة بعيدة أطلق عليها "مقبرة وادي الفراشات"، وفيها تتحول جثة كل طفل يدفنه إلى فراشة تطير في الفضاء.
تشير هذه المقبرة، بدلالة رمزية عميقة، إلى المهمشين والمنبوذين الذين يرذلهم المجتمع لسبب أو لآخر، إذ بعد أن كانت بغداد مدينة الحضارة الجامعة والثقافة والأدب والفن، أصبحت مدينة يعشش فيها الموت، وتنتهج سياسة الإقصاء.
يشير الكاتب بطريقة غير مباشرة إلى التحول الذي يطرأ على شخصية الإنسان في مرحلة ما من حياته، وذلك من خلال شخصية مهند، صديق عزيز، الذي أصبح بين ليلة وضحاها متدينًا بشدة. وربما يكون هذا الصديق قد ساهم، بطريقة أو بأخرى، بإلحاق الأذى بعزيز؛ قد يفهم القارئ ذلك بين السطور.
يرافق القارئ رحلة حياة عزيز عواد في الجامعة، وتجربته في الحب مع تمارا، ثم تخرّجه وبحثه عن وظيفة، وحلمه في أن يتزوجها بعد أن رفضه والدها أكثر من مرة.
يتحقق حلمه في النهاية، ولكن ما أن يجمعهما سقف واحد، حتى يبدأ في مواجهة سلسلة لا تنتهي من سوء الحظ:
ظروف الفقر والبؤس التي يعيشها الزوجان بسبب الوضع المادي الصعب لعزيز، والأعمال التي يزاولها بأجور لا تكاد تكفي متطلبات الحياة اليومية، ثم تخسر تمارا حملها مرتين.
يسجن عزيز أكثر من مرة، مرة بسبب سوء الفهم حين دخل حانة يتم مداهمتها، ليتضح أنها في الواقع بيت دعارة، دون أن يدري، ومرة أخرى بتهمة التجارة بالأعضاء البشرية، حين حمل على عاتقه مهمة النقاش في دفن الأطفال.
يُسجن رغم براءته من التهمتين.
خلال ذلك، تتركه تمارا أكثر من مرة، لينتهي الأمر بطلاقهما.
يُذكر أن نادي الكتاب يضم في عضويته أكثر من 60 سيدة، وقد تم تأسيسه بمبادرة من السيدة رواند أرشيد أبو هنطش.
يناقش النادي روايات لمؤلفين أردنيين ومن الوطن العربي، بمعدل كتاب أو كتابين كل شهر، بالإضافة إلى أنشطته الثقافية والفنية الأخرى.