يُعد كتاب "النقد الأدبي" لأمين أحمد من الأعمال التأسيسية المهمة في فهم وتدريس النقد الأدبي العربي في العصر الحديث. وهو ليس مجرد دراسة أكاديمية، بل يمثل محاولة شاملة لربط التراث النقدي العربي بالتجربة الغربية الحديثة، مع التأصيل لنظرية نقدية تتسم بالمنهجية والدقة والتحليل العميق.

المنهج والمحتوى

ينقسم الكتاب إلى قسمين رئيسيين: نظري وتطبيقي. في القسم الأول، يعرض المؤلف لمبادئ النقد، وعناصر الأدب من عاطفة، وخيال، ومعنى، وأسلوب، مع تأصيل فلسفي وتاريخي للمفاهيم النقدية. ويؤكد على أن النقد لا يُبنى على الذوق وحده، بل هو علم له قواعد ومنهجيات تستمد من علم النفس، والجمال، والفلسفة، والاجتماع.

أما القسم التطبيقي، فيتناول نماذج من النقد عند العرب والغرب، ويقدم تاريخًا نقديًا يُظهر تطور المفاهيم عبر العصور: من النقد الجاهلي، مرورًا بالعصر العباسي، وحتى القرن العشرين.

أهمية العاطفة والذوق

يشير المؤلف إلى أن العاطفة تمثل "العنصر الأظهر" في الأدب، وأن الذوق عنصر أساسي في العملية النقدية، لكنه ليس مطلقًا أو معزولًا عن قواعد يمكن تعلمها وتحليلها. وهو في هذا يرد على من يعتبرون النقد مجرد انطباعات شخصية.

الجمع بين الأصالة والحداثة

ما يميز الكتاب هو محاولته الموفقة للجمع بين الأصالة العربية والحداثة الغربية. فقد تتبع المؤلف كتب البلاغة العربية القديمة مثل "الصناعتين" و"الوساطة" و"دلائل الإعجاز"، وفي الوقت ذاته استفاد من الدراسات النقدية الغربية المترجمة، مما أتاح له بناء مقارنات ذكية توضح التقاء المسارين في بعض الجوانب واختلافهما في أخرى.

الجانب التربوي والتأصيلي

الكتاب ذو طابع تربوي، كتب بروح المعلّم، ويقدم خطوات عملية للناقد المبتدئ، كما يدعو إلى قراءة الأدب قراءة مزدوجة: أولى دراسية، وثانية نقدية عميقة، تهدف إلى تلمّس العواطف والأفكار والأسلوب وتاريخ النص والبيئة التي نشأ فيها.

الخاتمة

يمكن القول إن "النقد الأدبي" لأمين أحمد لا يزال يحتفظ بقيمته كمرجع تأسيسي لكل دارس للنقد الأدبي العربي. فهو يقدّم تأصيلاً علميًا متماسكًا، ورؤية بانورامية شاملة لحركة النقد في التراثين العربي والغربي، مع حرص على تقديم أمثلة تطبيقية واقعية، تجعل منه كتابًا حيًا في مادته، تربويًا في عرضه، وضروريًا في محتواه.